تراجع الذهب وسط مخاوف التضخم رغم التوترات الجيوسياسية

المؤلف: محمد صديق (القاهرة)09.30.2025
تراجع الذهب وسط مخاوف التضخم رغم التوترات الجيوسياسية

شهدت أسعار الذهب اليوم (الأربعاء) انخفاضًا ملحوظًا، وذلك في أعقاب التصريحات الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي أكدت على استمرار التضخم. هذه التأكيدات طغت على جاذبية الذهب كملاذ آمن يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الأزمات، وذلك على الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية الحادة في منطقة الشرق الأوسط.

وقد قرر الفيدرالي الأمريكي الإبقاء على أسعار الفائدة دون أي تغيير، ولكنه في المقابل خفض توقعاته بشأن عدد مرات تخفيض الفائدة خلال العام الحالي إلى مرتين فقط. هذا التعديل يعكس مخاوف عميقة بشأن ارتفاع محتمل في الأسعار، وذلك كنتيجة مباشرة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب منذ شهر أبريل الماضي.

وفي الأسواق الفورية، تم تداول الذهب عند مستوى 3351.59 دولار للأونصة، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 0.5%. وشهدت أسعار الفضة والبلاديوم تراجعًا مماثلًا، مما يشير إلى اتجاه عام نحو انخفاض أسعار المعادن النفيسة.

وأشار رئيس الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن السياسة النقدية ستظل تتسم بالحذر الشديد في المرحلة القادمة، وذلك في ظل التوقعات بتباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي، وارتفاع مستويات التضخم، وتراجع في معدلات التوظيف. هذه العوامل مجتمعة تستدعي الحذر في التعامل مع السياسة النقدية.

هذه التوقعات، التي تمثل أول تقييم رسمي منذ فرض الرسوم الجمركية، قد تقلل بشكل كبير من فرص التيسير النقدي، وهو ما يؤثر سلبًا على الذهب، الذي لا يدر أي عائد على المستثمرين. وبالتالي، يصبح أقل جاذبية مقارنة بالأصول الأخرى التي تدر عائدًا.

ويأتي هذا التراجع في أسعار الذهب في ظل مشهد اقتصادي عالمي يتسم بالتعقيد الشديد. فمنذ بداية عام 2025، شهدت الأسواق تقلبات عنيفة ومستمرة، وذلك بسبب السياسات التجارية الأمريكية، التي تضمنت فرض رسوم جمركية جديدة على مجموعة واسعة من الواردات، مما أثار مخاوف جدية بشأن تصاعد التضخم على نطاق عالمي.

وفي الوقت نفسه، تستمر التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بين إيران وإسرائيل، في دعم الطلب على الذهب باعتباره أصلًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الأزمات والاضطرابات الجيوسياسية.

وعلى الرغم من هذا الانخفاض الأخير، فقد ارتفعت أسعار الذهب بنحو 30% منذ بداية العام، مدعومة بعمليات شراء مكثفة من قبل البنوك المركزية، وخاصة في قارة آسيا، بالإضافة إلى تدفقات قوية نحو صناديق المؤشرات المتداولة، مما يعكس الثقة المستمرة في الذهب.

ويعكس هذا الارتفاع المطرد طويل الأمد ثقة المستثمرين الراسخة في الذهب كأداة فعالة للحماية ضد التضخم والاضطرابات الجيوسياسية المتزايدة، ولكنه في الوقت نفسه يظل حساسًا للغاية للتغيرات في السياسة النقدية الأمريكية، التي تؤثر بشكل كبير على جاذبيته كاستثمار.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة